Page 54 - web
P. 54

‫الأمراض المقاومة للأدوية‬                                                                                    ‫مقالات وآراء‬
              ‫أزمة صحية عالمية‬
                                                                                                               ‫سامويل لوفيت‬
       ‫لا وقت للتأخر في الشروع بالمعركة العالمية‬                                                               ‫كاتب وباحث‬
                ‫ضد «مقاومة مضادات الميكروبات”‬
                                                                                                                           ‫‪54‬‬
‫إذا كانـت الـدروس المسـتخلصة من‪« ‬كوفيد‪ »-19‬يعتـد بهـا وتحتـذى‪ ،‬فـإن أحـدث البيانـات حـول‬
‫«مقاومة‪ ‬مضادات الميكروبات» (اختصاراً «أي أم آر» ‪ )AMR‬والتأثير الضار الذي تطرحه في مختلف أنحاء‬

                   ‫العالـم‪ ،‬يجـب أن يحمال صانعـي السياسـات على اتخـاذ إجـراءات فوريـة لكبحهـا‪.‬‬
‫بينمـا تتراجـع حـدة القلـق بشـأن فيروس كورونـا في أجـزاء عـدة مـن العالـم‪ ،‬يتعاظـم يومـاً تلـو الآخـر الظـل‬
‫القاتـم الـذي تلقيـه الأزمـة الصحيـة المتمثلـة في «مقاومـة مضـادات الميكروبـات»‪ .‬في دراسـة حديثـة مثيرة‬
‫للانتبـاه ُنشـرت في مجلـة «لانسـيت «‪ ،The Lancet‬وتعـد الأكرث شـمولاً مـن نوعهـا حتـى الآن‪ ،‬يـرد أن‬
‫عـام ‪ 2019‬شـهد وفـاة ‪ 1.27‬مليـون شـخص‪ ،‬وفـق التقديـرات‪ ،‬بسـبب حـالات عـدوى مقاومـة للمضـادات‬
‫الحيويـة‪ .‬كذلـك ارتبطـت ‪ 3.68‬مليـون حالـة وفـاة أخـرى بتلـك «الكائنـات الدقيقـة الممرضـة الخارقـة» التـي‬

                           ‫تقـاوم معظـم المضـادات الحيويـة والأدويـة الأخـرى المسـتخدمة في علاجهـا‪.‬‬
‫التقديرات المذكورة آنفاً تساوي تقريباً ضعف نظيرتها الصادرة سابقاً بشأن حصيلة الوفيات الناجمة عن‬
‫«مقاومة مضادات الميكروبات»‪ ،‬من ثم تؤشر إلى تهديد صحي عالمي ما انفك يتنامى بوتيرة سريعة خارج‬
‫نطـاق سـيطرتنا‪ .‬تشير تقديـرات صـدرت في ‪ 2019‬إلى أن ضحايـا «مقاومـة مضـادات الميكروبـات» يفوقـون‬
‫عـدد وفيـات «فيروس نقـص المناعـة البشـرية» أو الملاريـا؛ مـا يجعلهـا أحـد الأسـباب الرئيسـة للوفـاة في‬

                                                                                        ‫العالـم‪.‬‬
‫مـع ارتفـاع معـدل اسـتخدام الأدويـة في العقـود الأخيرة بفضـل تقـدم الطـب الحديـث‪ ،‬اكتسـبت مسـببات‬

                                       ‫الأمـراض المسـؤولة عـن العـدوى حصانـة ضـد مفعـول العالج‪.‬‬
‫في الواقـع‪ ،‬تنجـو بعـض الكائنـات الحيـة الدقيقـة بشـكل طبيعـي بعـد تعرضهـا لأدويـة ينبغـي أن تقتلهـا‪،‬‬
‫مـا يسـمح لهـا بنقـل قدرتهـا على المقاومـة إلى مثيالت لهـا‪ .‬ولكـن مـع ذلـك‪ ،‬معلـوم أن الإفـراط في اسـتخدام‬
‫العقاقير المضـادة للميكروبـات يعمـل على تسـريع هـذه العمليـة الطبيعيـة‪ .‬عنـد اللجـوء إليهـا‪ ،‬تقتـل تلـك‬
‫الأدوية الكائنات الحية المجهرية الضارة التي لا تحمل جينات مقاومة لها‪ ،‬من ثم لا يبقى على قيد الحياة‬

                                                                  ‫سـوى تلـك المحصنـة ضـد العالج‪.‬‬

‫تذكيراً‪ ،‬تصاعـدت «مقاومـة مضـادات الميكروبـات» منـذ سـبعينيات القـرن المـاضي‪ ،‬وتعـد حتـى الآن‪ ،‬في‬
‫خضم جائحة عالمية‪ ،‬أحد أكبر التهديدات العامة‪ .‬من دون مضادات حيوية فاعلة‪ ،‬تؤدي حالات عدوى‬
‫عـدة‪ ،‬مـن قبيـل تعفـن الـدم (أو الإنتـان) أو التسـمم الغـذائي‪ ،‬إلى الوفـاة‪ .‬أمـا الإصابـات غير المميتـة‪ ،‬فقـد‬
‫تبقـي أصحابهـا في المستشـفى لفرتة أطـول‪ ،‬ويتطلـب علاجهـا عقاقير أكرث تكلفـة‪ ،‬فضالً عـن أنهـا تتسـبب‬

                                                                     ‫بمزيـد مـن الأضـرار الصحيـة‪.‬‬
   49   50   51   52   53   54   55   56   57   58   59